صالح بن زين العابدين الشيبي.. السادن الـ77 للكعبة المشرفة

عالم وأكاديمي سعودي، من وجهاء عائلة آل الشيبي في مكة المكرمة، ولد عام 1945، وتولى مهمة سادن الكعبة المشرفة وحامل مفتاحها وأشرف على غسل الكعبة أكثر من 100 مرة. وتوفي يوم 21 يونيو/حزيران 2024.

هو السادن الـ77 للكعبة منذ فتح مكة، والـ109 منذ عهد قصي بن كلاب، وهو من أحفاد الصحابي الجليل شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الفتح أن تكون السدانة (خدمة الكعبة) في ذريته.

المولد والنشأة
ولد صالح بن زين العابدين الشيبي في مكة المكرمة عام 1945، ونشأ في أسرة عريقة عرفت بسدانة الكعبة المشرفة لعدة قرون.

وعن فترة طفولته يقول -في حوار صحفي سابق مع صحيفة عكاظ السعودية- “نشأت مثل أي طفل في مكة المكرمة، محبا للصلاة في الحرم، ومحبا للعلماء والصالحين، وهوايتي كانت كرة القدم. وكنت أحب اللعب مع أقراني في المدرسة، وألعب مع الأطفال الكرة بعد صلاة الفجر وحتى الصباح في رمضان وفي الإجازات”.

وقال إن حياته وحياة أقرانه في تلك الفترة “كانت حياة بسيطة جدا، نعيش إلى جوار بيت الله الحرام. باختصار كانت الحياة صلاة وعلما ولعبا، وكنا نخالط مجالس العلماء ودروسهم في المسجد الحرام”.

ولصالح بن زين العابدين الشيبي ولدان: محمد وعبد الرحمن، وقد عين الثاني وكيلا له في سدانة الكعبة المشرفة، واحتفظ هو بلقب كبير السدنة.

التكوين العلمي والأكاديمي
درس صالح الشيبي المرحلة الابتدائية سنتين في مصر، ثم سنتين في المدينة المنوّرة وسنتين مكة المكرمة، ودرس المرحلة المتوسطة في مكة بمدرسة الرحمانية.

وعن المرحلة الابتدائية يقول في أحد حواراته الصحفية “كان هناك تنافس بيني وبين أقراني في جميع العلوم، وكنت من الأوائل”.

كما درس الثانوية في المدرسة العزيزية بمكة المكرمة، ثم التحق بكلية الشريعة في جامعة الملك عبد العزيز بالمدينة نفسها وحصل منها على درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، بتقدير ممتاز.

بعدها حصل على الماجستير بامتياز عام 1977 من الجامعة نفسها، عن رسالة في موضوع “الأصول الخمسة عند المعتزلة وموقف السلفيين منها”.

سدانة الكعبة
السدانة تعني العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها من فتحها وإغلاقها وتنظيفها ورعاية زوارها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة.

وبدأت السدانة مع نبي الله إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم عليهما السلام، وانتقلت بعده إلى عائلات وقبائل عربية عريقة، إلى أن وصلت إلى “آل شيبة”، الذين تولوا حمل مفاتيح الكعبة المشرفة ورعايتها منذ عدة قرون.

والسادن هو الشخص الوحيد الذي يحمل مفتاح الكعبة المشرفة، والمسؤول عن كلّ ما يتعلق بشؤونها من تغيير كسوتها وغسلها وتعطيرها بالطيب وفتحها وإغلاقها.

ويتم غسل الكعبة مرتين كل سنة، الأولى في 15 محرم، والثانية في غرة شعبان، إذ يتم غسل جدار الكعبة من الداخل بـ45 لترا من ماء زمزم، و50 تولة من الورد الطائفي والعود الكمبودي وروح العنبر الفاخر، باستخدام قطع قماش مبللة بماء زمزم الممزوج بدهن الورد، وتستمر هذه العملية زهاء 4 ساعات.

وبحسب التقاليد يتولى السدانة الشخص الأكبر سنا في عائلة “آل شيبة”، ويعقد اجتماع عائلي موسع، عقب اليوم الثالث للعزاء، لتسليم مهمة كبير السدنة، لأكبر الأحياء سنا من الذكور.

وتبدأ مراسم الاجتماع بحضور ورثة كبير السدنة السابق، ويسلمون عهدة الكعبة المشرفة لكبير السدنة الجديد.

تولى الشيخ صالح بن زين العابدين الشيبي سدانة الكعبة عقب وفاة عمه عبد القادر طه الشيبي مطلع ثمانينيات القرن العشرين، وظل في هذا المنصب حتى وفاته، وهو السادن الـ77 منذ فتح مكة، والـ109 منذ عهد قصي بن كلاب.

أشرف الشيخ صالح على غسل الكعبة أكثر من 100 مرة، وحمل مفتاح الكعبة المشرفة منذ توليه المهمة، وهو مفتاح يصل طوله إلى 35 سنتيمترا ومصنوع من الحديد، وتم تغييره عدة مرات في عصور إسلامية مختلفة.

ويحفظ آل الشيبي مفتاح الكعبة في كيس خاص مصنوع من كسوة الكعبة، ويوضع في مكان آمن في بيت كبير السدنة، وعند وفاته ينتقل الكيس والمفتاح إلى كبير السدنة الجديد.

المهام والمسؤوليات
تولى منصب كبير سدنة بيت الله الحرام عام 1980 خلفا لعمه الشيخ عبد القادر الشيبي، وظل في هذا المنصب حتى وفاته عام 2024.
عمل أستاذا مساعدا في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى في مكة المكرمة 10 أعوام.
عمل رئيسا لقسم العقيدة وأصول الدين بكلية الشريعة في جامعة أم القرى 7 أعوام.
عيّنه الملك فهد بن عبد العزيز عضوا في مجلس الشورى السعودي 4 سنوات.

المؤلفات
ألف الشيخ صالح بن زين العابدين الشيبي العديد من الكتب والبحوث في علوم الشريعة وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية.
كانت رسالته للماجستير عن “الأصول الخمسة عند المعتزلة وموقف السلفيين منها” (عام 1977).
كانت رسالته للدكتوراه عن “الجبر والاختيار في الفكر الإسلامي” (عام 1981).
وعن سبب اهتمامه بالبحث في المعتزلة، قال إن الدافع هو أن المعتزلة من الفرق الإسلامية المشهورة في علم الكلام، ولكنها لم تنل حقها في الدراسة بشكل واف.

وأضاف أنه انتبه إلى أن آراء المعتزلة في بعض آيات القرآن الكريم تستحق الدراسة والمتابعة، فبحث في كتبهم ومؤلفاتهم، ووجد أنهم فرق متعددة، تختلف فيما بينها في بعض مسائل العقيدة، لكنها تتفق في مسائل أخرى هي “الأصول الخمسة” عندهم، وهي التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واختار أن تكون موضوع دراسته.

الوفاة
توفي الشيخ صالح بن زين العابدين الشيبي عن عمر ناهز 79 عاما، مساء الجمعة 21 يونيو/حزيران 2024 في مكة المكرمة.

وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد فجر يوم السبت 22 يونيو/حزيران 2024 في الحرم المكي، وشيعت جنازته ودفن في مقبرة المعلاة.

المصدر : الصحافة السعودية